القاهرة- “سليمان خاطر جديد”، هكذا وصف المصريون الجندي الشهيد محمد صلاح الذي نفذ عملية غير مسبوقة في الثالث من يونيو/حزيران الجاري، قتل فيها 3 جنود إسرائيليين قرب معبر العوجة الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأصبح صلاح -بعد الكشف عن هويته- في نظر أغلب المصريين بطلا وأيقونة شعبية، ورمزا لاستمرار الرفض الشعبي لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، رغم توقيع معاهدة السلام عام 1979، وبما يؤكد أن جرائم الاحتلال في حق المصريين لم تنس، وأن الدعم الشعبي المصري للقضية الفلسطينية سيظل قائما.

وعاد الحديث مجددا عن عمليات جنود مصريين سبقوا صلاح في تنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين في مرحلة ما بعد كامب ديفيد، وأشهرهم سليمان خاطر وأيمن حسن.

وزاد من الالتفاف الشعبي حول عملية صلاح -الذي لقب بـ”فخر العرب”- قيام الإعلام الإسرائيلي بنشر شهادات ضباط وجنود سابقين وحاليين بالجيش الإسرائيلي يقولون إنهم قتلوا جنودا مصريين على الحدود خلال السنوات الماضية، من دون أن يُعلن ذلك، وأن عملية صلاح كانت انتقاما لزملائه.

بطولات مصرية

أعادت العملية التي نفذها محمد صلاح التذكير بأشهر عمليتين نفذهما مجندان مصريان ضد القوات الإسرائيلية بعد عام 1979، في المنطقة الحدودية.

أولى هذه العمليات وأشهرها تلك التي نفذها الجندي المصري سليمان خاطر، في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1985، عندما أطلق الرصاص على مجموعة من الإسرائيليين حاولوا تجاوز نقطة حراسته في منطقة رأس برقة (جنوب سيناء)، ورفضوا الانصياع لتحذيراته لهم بالتراجع وفق العرف العسكري، ليُسقط 7 قتلى منهم.

خاطر -الحاصل على شهادة جامعية في القانون (ليسانس الحقوق)- سلّم نفسه لقيادته، وأحيل إلى المحكمة العسكرية بقرار جمهوري، رغم أن الدستور كان ينص على محاكمة الشرطيين أمام القضاء المدني، وفي 28 ديسمبر/كانون الأول 1985 صدر الحكم ضده بالسجن 25 عاما.

وعلق خاطر -الذي كان يحمل ذكريات مذبحة بحر البقر وغيرها من المذابح الإسرائيلية- على الحكم قائلا “أنا لا أخشى الموت ولا أرهبه، إنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشى أن تكون للحكم الذي سيصدر ضدي آثار سيئة على زملائي، وتصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم”.

ولم تمض سوى 10 أيام حتى أعلنت وسائل الإعلام خبر انتحار الجندي سليمان خاطر في السابع من يناير/كانون الثاني 1986، في مستشفى السجن الحربي، وسط شكوك واسعة وروايات تنفي إقدامه على الانتحار، ليتحول خاطر إلى رمز شعبي للدفاع عن تراب الوطن ورفض التطبيع.

الانتقام للأقصى والعلم

العملية الثانية التي لم تحظ بشهرة عملية سليمان خاطر -رغم تفوقها النوعي وعدد القتلى الإسرائيليين فيها- كانت العملية الفدائية التي نفذها المجند المصري أيمن حسن عام 1990 انتقاما لمجزرة الأقصى التي وقعت في تلك الفترة، وإقدام جنود إسرائيليين على تدنيس العلم المصري.

وتمكن حسن من التسلل عبر الحدود إلى الأراضي المحتلة في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1990، ونجح في قتل 21 إسرائيليا وأصاب نحو 20 آخرين، كان بينهم أحد كبار رجال الموساد المسؤولين عن تأمين مفاعل ديمونة النووي وضباط بمطار النقب العسكري.

سلّم أيمن حسن نفسه للسلطات المصرية، وأحيل لمحاكمة عسكرية، وصدر حكم بسجنه 12 عاما في السادس من أبريل/نيسان 1991، وعلى خلاف خاطر لقي أيمن حسن معاملة حسنة من سجانيه وبعض قياداته بالقوات المسلحة.

دماء على الحدود

وإذا كانت الجرائم الإسرائيلية التي بدأت تتكشف أخيرا لم يعلن عنها خلال السنوات الأخيرة، فإن منطقة الحدود شهدت خلال العقدين الماضيين عشرات الحوادث المعلنة التي راح ضحيتها ضباط وجنود ومواطنون مصريون بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلية بذرائع الاستهداف الخاطئ أو محاولات اختراق الحدود والتهريب، نرصد بعضها في الفقرات التالية:

  • أبريل/نيسان 2001: استشهاد الشاب المصري ميلاد محمد حميدة برصاص جنود إسرائيليين، زعموا محاولته التسلل إلى غزة عبر بوابة صلاح الدين.
  • يونيو/حزيران 2001: استشهاد المجند المصري السيد الغريب محمد أحمد برصاص إسرائيلي قرب الحدود.
  • 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2004: استشهاد 3 جنود مصريين من قوات الأمن المركزي أثناء نوبة حراستهم بمنطقة رفح الحدودية المصرية بقذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية، أعقبها إطلاق نار عشوائي من الجنود الإسرائيليين تجاه مكان الانفجار.

وزعمت السلطات الإسرائيلية أن طاقم الدبابة اعتقد أن الجنود الثلاثة خلية فلسطينية تدبر لهجوم ضد قوات إسرائيلية، وأن استهدافهم “خطأ مهني عائد إلى تحديد خاطئ لهوية الأشخاص الثلاثة”.

  • 2 يونيو/حزيران 2006: استشهاد الشرطيين المصريين محمد بدوي محمد صديق وأيمن سيد محمد حامد برصاص القوات الإسرائيلية.

وبررت سلطات الاحتلال آنذاك جريمتها بأن الشرطيين اقتحما الحدود قرب جبل ساجي المواجه لبلدة بير المعين الحدودية المصرية وأطلقا النار على الجنود الإسرائيليين، لكن مصادر أمنية مصرية قالت إن الشرطيين عبرا الحدود عن طريق الخطأ أثناء قيامهما بدورية.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي يسير قرب الموقع الذي تسلل منه الشهيد محمد صلاح (الجيش الإسرائيلي)
  • 27 يناير/كانون الثاني 2008: جنود إسرائيليون يقتلون بالرصاص المواطن المصري حميدان سليمان سويلم (41 عاما) أثناء ذهابه لعمله.
  • 27 فبراير/شباط 2008: استشهاد الطفلة سماح نايف (14 عاما) برصاص القوات الإسرائيلية أمام منزلها قرب معبر كرم أبو سالم.
  • 21 مايو/أيار 2008: اغتالت القوات الإسرائيلية المواطن سليمان عايد موسى (32 عاما) بزعم تسلله داخل الأراضي المحتلة قرب كرم أبو سالم، وفي اليوم التالي اغتالت المواطن عايش سليمان موسى (32 عاما) عند منفذ العوجة.
  • 9 يوليو/تموز 2008: استشهاد الضابط بالجيش المصري محمد القرشي بنيران إسرائيلية أثناء مطاردة مهربين على الحدود، وزعمت سلطات الاحتلال أن تحقيقاتها انتهت إلى أن القرشي دخل الأراضي المحتلة وأطلق عليه الجنود الإسرائيليون النار عن طريق الخطأ.
  • 24 سبتمبر/أيلول 2008: القوات الإسرائيلية تقتل المواطن سليمان سويلم (26 عاما) من منطقة القسيمة (وسط سيناء)، بدعوى محاولته التسلل عبر الحدود بغرض التهريب.
  • يونيو/حزيران 2010: قتلت قوات الاحتلال 3 مصريين بالرصاص في 3 حوادث متفرقة بدعوى أنهم من المهربين، وهم محمد عواد سليمان (16 عاما)، وسالمان عطية سالمان (18 عاما)، ومحمد عبد الحميد.
  • 18 أغسطس/آب 2011: استشهاد ضابط و4 مجندين مصريين من قوات الأمن المركزي داخل الحدود المصرية بعد تعرضهم لهجوم شنته طائرة إسرائيلية.
  • 2 مارس/آذار 2012: حرس الحدود الإسرائيلي يقتل شابا مصريا من إحدى قبائل سيناء، بداعي تسلله إلى الأراضي المحتلة بالقرب من العلامة الدولية رقم 22 جنوب معبر رفح البري، لتهريب التبغ والسجائر.

وخلال الفترة ذاتها سقط عشرات المصابين من الجنود والمواطنين المصريين برصاص الاحتلال، وتوقف نشر مثل هذه الحوادث في السنوات التالية.

شاركها.
Exit mobile version