|

برلين- تشكر السورية زينب ربها وتحمده ليل نهار، بعد أن عثرت أخيرا على زوجها في ألمانيا، التي وصلتها بعدما تقطعت بهما السبل على الحدود البيلاروسية البولندية، حيث قضت وسط برد الغابات نحو شهر، حيث كانت تهرب من قسوة الجنود في بيلاروسيا، في حين كانت أصوات الخنازير البرية تحيط بها من كل مكان.

تمكنت زينب من الوصول إلى ألمانيا قبل عام ونصف العام في خضم أزمة الحدود البيلاروسية البولندية عام 2021، ولكن غيرها ما زال ينتظر، “وكل من يحاول القول إن السياج الذي بنته بولندا على طول الحدود نجح في حل المشكلة لا يقول الحقيقة”، وفق ما أكدته كالينا شفرانوك المتحدثة باسم منظمة الإغاثة البولندية “فونداسيا أوساليني” (Fundacja Ocalenie).

وتضيف شفرانوك للجزيرة نت “صحيح أن الأزمة اختفت من عناوين الأخبار إلا أن الأعداد آخذة في الازدياد مؤخرا، وسط معاناة لا سيما على الطرف البيلاروسي، بينما يقف حرس الحدود البولندي بالمرصاد لكل لاجئ يحاول العبور”.

هذه الزيادة يؤكدها أيضا رد إحاطة قدمته وزارة الداخلية الألمانية مؤخرا للكتلة النيابية للاتحاد المسيحي الديمقراطي المعارض، وأكدت فيه الوزارة أن عدد اللاجئين الذين وصلوا ألمانيا من بولندا -غالبا عبر الحدود البيلاروسية البولندية- بين سبتمبر/أيلول 2022 ومارس/آذار 2023 بلغ 8687 شخصا.

ووفق الرد، فإن اللاجئين السوريين في مقدمة اللاجئين الجدد بواقع 3 آلاف شخص، بينما يأتي الأفغان في المركز الثاني 1632 شخصا، والمصريون في المركز الثالث 1300 شخص.

ازدواجية معايير

من ناحيته، يرى مجلس الهجرة (RFM)، الذي يمثل أكثر من 200 أكاديمي وخبير في شؤون الهجرة واللجوء في المنطقة الناطقة بالألمانية، أن هناك ازدواجية في معايير النقاش الدائر حول ارتفاع أعداد اللاجئين الذين يسلكون هذا الطريق.

فقال رئيس مجلس الهجرة البروفيسور فاسيلس تساينوس إن هذه الأعداد “لا تشكل أهمية تذكر مقارنة مع ملايين اللاجئين الأوكرانيين الذين وصلوا -ويصلون- إلى دول الاتحاد الأوروبي”.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد تساينوس أن السلطات الألمانية تخوض “النقاش الخاطئ” حول قضية الهجرة واللجوء، وأن هذه الأعداد “تعتبر من المنظور العلمي لقضية الهجرة واللجوء صغيرة جدا”.

وجاء الكشف عن هذا الارتفاع قبل أيام من اجتماع وزراء الداخلية والعدل بالاتحاد الأوروبي اليوم الخميس في لوكسمبورغ، من أجل بحث الخطة الأوروبية الجديدة للهجرة، التي يسعى التكتل الأوروبي من خلالها إلى إصلاح نظام اللجوء، وتشديد مراقبة حدود الاتحاد الأوروبي، سواء تعلق الأمر بحدوده بين بولندا وبيلاروسيا، أو حدود أخرى.

مطالب شعبوية

تهدف الخطة إلى اعتماد نظام يتم بموجبه البت في طلبات اللجوء في مراكز احتجاز على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وإلى التوصل لآلية يتم من خلالها توزيع اللاجئين الذين سيحصلون على حق اللجوء على جميع دول الاتحاد الأوروبي.

كما تهدف الخطة إلى منح سلطات الحدود الأوروبية الحق في ترحيل اللاجئين الذين ترفض طلبات لجوئهم إلى دول “ثالثة آمنة”، وإلى تشديد اتفاقية “دبلن” للجوء، وقبل كل شيء تسعى إلى تجهيز الدول الحدودية بما تصفه الخطة بـ”البنى التحتية اللازمة”.

وعلق البروفيسور تساينوس على هذه الخطة بالقول إنها ليست جديرة بحل أزمة اللجوء في الاتحاد الأوروبي، معتبرا إياها “محفزا لمطالب الأحزاب الأوروبية اليمينية الشعبوية، وعزلا فعليا للاجئين الذين يقصدون الدول الأوروبية”.

وناشد تساينوس وزراء الداخلية والعدل الأوروبيين الذين سيجتمعون في لوكسمبورغ بعدم اعتماد هذه الخطة، قائلا إنها “لا تتناسب مع المعايير الإنسانية الأوروبية” من وجهة نظر عشرات الدراسات والبحوث العلمية، ولا تلبي احتياجات ومطالب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ويعكف الوزراء الأوروبيون اليوم في لوكسمبورغ على تجهيز هذه الخطة لقمة رؤساء الدول والحكومات المقبلة يوم 29 يونيو/حزيران الجاري قبل نقلها إلى البرلمان الأوروبي.

وفي الوقت نفسه، تواصل السلطات الأوروبية، على حدود بولندا مع بيلاروسيا وغيرها من الحدود الأوروبية الخارجية، بذل كل جهودها من أجل منع بضعة آلاف من اللاجئين -يبحثون عن الأمان- من عبور حدودها.

شاركها.
Exit mobile version